تقف عشرات الجاليات السورية ومناصري العدالة في شوارع ستوكهولم، يرفعون اللافتات ويهتفون بأسماء ضحايا النسيان، هذه الوقفة، التي دعت إليها منظمات سورية عبر منصات التواصل، من بينها حساب TV Nabd Syria على إنستغرام، تجري في توقيت حرج: قبل 24 ساعة من أولى جلسات المحكمة الجنائية الدولية للنظر في الدعوى ضد الرئيس الانتقالي السوري أحمد الشرع.
الاحتجاجات تتزامن مع تحركات مماثلة في مدن أوروبية كبرى: لندن، باريس، روما، أمستردام، وامتدت حتى سيدني، هذا التنسيق المنظم بإحكام رغم افتقاده لأي مظلة مركزية، لا يهدف فقط إلى لفت انتباه وسائل الإعلام أو إرباك المسؤولين إنه رسالة مباشرة للمحكمة: الضحايا ما زالوا ينتظرون، والذاكرة لم تُمح.
من هو أحمد الشرع؟ ولماذا الآن؟
أحمد الشرع لم يأت من الصف الأول لنظام السياسي السوري السابق، لكنه لم يكن بعيدا عنه، فبعد سقوط النظام في ديسمبر 2024، تولى الشرع رئاسة الحكومة الانتقالية وسط ترحيب حذر، وفي كانون الثاني 2025، التقى بالمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم أحمد خان، في دمشق، واللقاء صُوّر على أنه بادرة تعاون نادرة بين سلطة سورية والمحكمة التي تجاهلها النظام السابق لعقدين.
لكن كثيرين رأوا في هذه الخطوة تغطية سياسية أكثر من كونها اعترافا فعليا بالمسؤولية، فإلى اليوم، لم تُكشف ملفات الانتهاكات من كافة الأطراف، ولم تبدأ محاكمات المسؤولين عنها، وبعض أركان الحكم الحالي جزء منها، الأكثر إثارة للقلق، أن الكثير من الجرائم اليوم تحدث تحت ستار “المرحلة الانتقالية”.
هذا ما يضع الشرع، اليوم، أمام مساءلة مزدوجة: من جهة، الدعوى القانونية التي ستبدأ غداً في لاهاي؛ ومن جهة أخرى، هذه الاحتجاجات التي ترفض فكرة العفو الضمني أو إعادة تدوير السلطة.
احتجاجات اليوم: بين القانون والرمز
اللافت في وقفة 24 أيار ليس فقط في عدد المشاركين أو تعدد مواقعهم، بل التوقيت ذاته، فالتحرك قبل الجلسة بيوم واحد ليس مصادفة، والهدف واضح: وضع المحكمة أمام مسؤوليتها، وتسليط الضوء على أهمية هذه اللحظة القضائية التي قد تشكل سابقة في السياق السوري.
اللافتات التي ظهرت في المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي لم تكتفِ باسم الشرع، بل استحضرت أسماء الضحايا، صور المعتقلين، وشعارات من قبيل:
- “لا عدالة دون محاسبة”
- “لا مستقبل بوجود مجرمي الماضي”
- “لا حصانة لمن تواطأ أو صمت”
هذه الشعارات تتجاوز الشرع كشخص، فهي تعبير عن رفض شامل لأي صفقة سياسية تتجاهل حقوق الضحايا؛ إنها انتفاضة ذاكرة في وجه التسويات الدولية التي غالبا ما ترى في “الاستقرار” بديلاً عن العدالة.
أين تقف المحكمة؟
جلسة 25 أيار في لاهاي ستُعقد بصفة أولية، ومن غير المتوقع صدور قرارات سريعة، وربما لا يُكشف حتى عن كل تفاصيل الدعوى، لكن القضية في حد ذاتها هي اختراق سياسي وقانوني، فلأول مرة، تجد المحكمة الجنائية الدولية نفسها أمام مسؤول سوري حالي، لا مخلوع ولا منفي.
السؤال المطروح اليوم هو: هل تتعامل المحكمة مع الشرع كجزء من منظومة مجرمة، أم كرجل يحاول تصحيح المسار؟
بالنسبة للمحتجين، الجواب واضح: لا يكفي أن “يحاول”. العدالة لا تُمنح بالنوايا، بل تُبنى على المحاسبة.
وراء هذه الوقفات تقف شبكات واسعة من المنظمات والناشطين، ما يميز هذا الحراك هو اعتماده الكامل على أدوات الشتات، من إنستغرام وتيليغرام إلى غرف كلوب هاوس لتنظيم وتحشيد أوسع دائرة ممكنة، فلا قيادة موحدة، ولا أجندة حزبية.
في روما، قاد التجمّع فنانون وطلاب جامعيون، وفي لندن، تولى الأمر محامون ومنفيون قدامى، وفي باريس اجتمع أفراد فقدوا عائلاتهم تحت التعذيب، ورغم اختلاف الخلفيات، فإن الرسالة واحدة: “إن كانت العدالة متأخرة، فلن تكون مغيبة.”
عدالة انتقالية أم إعادة إنتاج الماضي؟
الشرع وعد بـ”عدالة انتقالية”. لكن المفهوم ظل حتى الآن ضبابيا، فلم تُشكّل لجان مستقلة، ولم تُفتح السجون، ولم يُعد تعريف أجهزة الأمن.
والخشية لدى كثيرين أن تتحول العدالة إلى مجرد شعار، أو أن تُستخدم كأداة لتلميع واجهة النظام الجديد، وهذا تحديدا ما ترفضه الوقفات الجارية اليوم، إنها تقول، بوضوح:
- لا للمسامحة قبل المحاسبة.
- لا لتجاوز الضحايا.
- لا لحكومة تنتقي من جرائم الماضي ما يناسب مصالحها.
لن تنتهي المعركة غداً في لاهاي، ولن تسقط سلطة من شارع ستوكهولم وحده، لكن شيئاً ما تغيّر اليوم. لأول مرة منذ أكثر من عقد، يتحرك السوريون في الشتات ومعهم متضامنون من عشرات الجنسيات، ليس احتجاجاً على الأسد، بل على خَلَفِه، وعلى صمت العالم المستمر.
الرسالة الأهم قد تكون للمحكمة نفسها: لا تكتفِ بالنظر في الدعوى، بل اسمعوا أصوات من خرجوا في برد ستوكهولم اليوم، هؤلاء لا يريدون محاكمة اسم، بل فتح بوابة العدالة التي سُدّت طويلاً.
غداً، تبدأ المحكمة عملها، أما اليوم، فالشعب تكلم، والعدالة ليست قضية قانونية فقط، إنها معركة ذاكرة، وشرط أساسي لأي مستقبل لسوريا خارج دائرة الدم.
يجب محاكمة الشرج وجماعاته النصرة وداعش على ذبح المدنيين الأبرياء بالمفخخات الانتحارية والقذائف على المدنيين
والذبح على الهوية كما فعلوا بمعلولا وصدد ذبحوا العجائز وهم نيام دون اي ذنب فقط لأنهم مسيحيون عدا تدمير البنية التحتية لسورية